بمناسبة تكريم الأساتذة المحالين على التقاعد ألقيت كلمة ألح العاملون بثانوية الفقيه الكانوني التأهيلية على أن أنشرها على صفحتي .فما كان علي الا الاستجابة لهذا الالحاح.
تحية محبة وتقدير للحضور الكريم.
’’نحن هنا الآن.قد لانكون غدا.ويبقى التكريم شاهدا على أننا كنا هنا.’’
مالسبيل الى البداية؟وهي ’’مزلة’’على حد تعبير أبي هلال العسكري؟
بعد تردد ارتأيت أن أنصت الى صوت الذاكرة وسويداء البصيرة,لعله يصغي الى نبض قلبكم الصادق.فانبجس الكلام وتدفق تحيات محبة لهذا الفضاء الجميل الذي هو المدرسة العمومية ,وأهله الفضلاء.
يقول جبران خليل جبران’’ان خاطبتكم المحبة فصدقوها.لأن المحبة لاتعطي الا نفسها ولا تأخذ الا من ذاتها.’’
1تحية محبة لمن علمونا ’’أن يرتفع منا المعنى لا الصوت’’,وأقنعونا ’’أن الأزهار تتفتح بالمطر لا بالرعد’’
2تحية محبة لمن أقنعونا بأن حصاد الشوك لايعني عدم زرع الورود.فاستوعبنا جيدا كيف نثابر وكيف نجدد تفكيرنا وكيف نغير معجمنا وتراكيبه لننظر الى أبعد من المدى.صحيح أن حروفنا مالت في البداية لكنها استقامت على الدرب الصحيح.
3تحية محبة لمن أفهمونا أن الحياة ’’لاتؤلمنا’’ عبثا.بل لنكبر ونصبر لنتعلم أن ’’نزرع أشجارا لانتوقع أبدا أن نجلس تحت ظلها’’على حد تعبير ’’نيلسون هندرسون’’
4تحية لكل أستاذ لاينام الا بعد أن يمر شريط درسه القاسي أمام عينيه يصيبه بالأرق.لايركب ’’سفينة’’النوم الا بعد أن يكون قد فاوض طويلا كوابيسه.ثم ينام بلا حراك وأعماقه يقظة ليستفيق قبل ضربات ساعة المنبه.
5تحية لمن علمنا أن نغربل الكثير من التراب لكي نعثر على’’ شذرة ذهب ضائعة وسط أكوامه’’وأن لانغلق أنفسنا كالمحار أمام الخطر والمغامرة حتى لايحول ذلك دون الهواء المنعش.
6تحية تقدير واعتزاز لمن علمنا أن الشغف بالحقيقة هو ترياق الروح أمام الزمان الرذيء المدمر لها,وأن الغبطة الداخلية السادرة هي غبطة الموتى أو ’’يقين’’من عاف الحياة أو مات فيها.
7تحية أزهى من الورد في الأكمام لمن مزقوا حناجرهم لينبهونا الى عدم نسيان التفاصيل التي تربت في تربة هذا الوطن. مناضلين بالسبورة والطباشير من أجل أن لاتميل الطاولات نحو السخافة.
8أيها الفضلاء.بفضلكم أحببنا القراءة وعشقناها فأتاح لنا ذلك أن ننتزع حقنا في الحلم بانقاد ذواتنا من الاغتراب عن أنفسنا بين جراح لاتلد الا الجراح المفتوحة على كل جرح في زوبعة الضياع التي تخترق حيانتا كل لحظة,مما أتاح لنا ان نصيخ لصوت الحقيقة الي ’’حطم أوهامنا’’في تمرد جميل يطرد المواويل الحزينة من الأفئدة ’’بأصوات هادئة ’’أقوى من الصراخ,تحمي الابتسامة من الانقراض.
9تحية اجلال لكل من أقنعنا أن ’’مالا يقبله العقل لايمكن حشوه في العقل بالقهرحتى لايتفوه القول فقط’’-على حد تعبير عبدالعزيز العبدي-وحتى لاتتعطل كل مناطق الدماغ فيصاب بالشلل والعجز عن ادراك الزمن فلا تبقى الا فضلات ’’الهيبوتالاميس’’تتشظى في عهر المقت والكراهية.
واليوم ,كشف الأمر عن ساقه واشتد الهول بفعل منطق القوة الضاغط ’’والمغري بلكنة شرسة’’ في زمن القحط الآمبريالي الذي يسعى الى تدمير المدرسة العمومية بلغة معولمة ’’نحمل فيها من الفصل الى اللحد,وهي تخيط لنا كفنا على المقاس,,وتسلعنا لنتحول الى كائنات مفلطحة ومبطحة ومسطحة لنصير وحيد القرن المعولم فيسوقونا من القرن الوحيد نحو أقرب سوق؟؟
ولكن لن يكون لهم ما أرادوا ولن ولا يمكنهم الالتفاف على شعلة الأمل فيكم أيها ’’الواقفون في وجه الاعصار’’والمواجهون لكل فكر يعتقد’’أن عادات قبيلته هي قوانين الطبيعة’’-كما يقول المسرحي الساخر جورج برناردشو-والمنتصرون لقيم الحرية والمحبة والانسانية
10كل التحية لمن تقدم ويتقدم وسيتقدم بنظارات العلم والمعرفة ليرضع تلامذته ثقافة التنوير والاختلاف في سبيل تعليم أجيال الحاضر والمستقبل ما يمكن أن يشكل لهم قنطرة عبور نحو مستقبل باسم.
ألف قبلة على جبينكم وجبينكن.
أحبكم.
الصورة البارزة، من الأرشيف
تعليقات
0