تلعب المبادرات الملكية دورًا محوريًا في رسم معالم السياسة المغربية داخليًا وخارجيًا، ولعل “المبادرة الملكية الأطلسية” تمثل اليوم إحدى أهم هذه المحطات الاستراتيجية، لما تحمله من أبعاد اقتصادية، تنموية، وإنسانية تعزز مكانة المغرب كقوة استقرار وتعاون في محيطه الإفريقي والعالمي. وفي هذا السياق، يبرز دور الإعلام الوطني والدولي كركيزة أساسية لدعم هذه المبادرة، سواء عبر التعريف بها أو إبراز رهاناتها وأبعادها الحضارية.
كيف يمكن للإعلام أن يؤدي دورًا استراتيجيًا في دعم المبادرة الملكية الأطلسية على الصعيدين الداخلي والخارجي، وما هي الوسائل التي تجعله قادرًا على مواكبة التحديات الكبرى المرتبطة بها؟
1. الإعلام كوسيلة لتعريف الرأي العام بالمبادرة
يتوجب على الإعلام أن يقدم شرحًا وافيًا لمضامين المبادرة الملكية الأطلسية، مستعرضًا أهدافها، أبعادها، وآثارها الإيجابية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في جهات الجنوب المغربي وعلى امتداد إفريقيا الأطلسية. فالتعريف الجيد بالمبادرة يخلق تعبئة شعبية ومؤسساتية داعمة.
2. بناء صورة المغرب كفاعل مسؤول ومبادر
عبر التغطية المستمرة والمهنية، يساهم الإعلام في ترسيخ صورة المغرب كقوة مبادرة ومسؤولة في مجال التعاون الإقليمي، خصوصًا فيما يتعلق بالطاقات النظيفة، الأمن الغذائي، الاستثمارات العابرة للحدود، وبناء شراكات مربحة مع الدول الأطلسية الإفريقية. الإعلام هنا لا يقتصر على نقل الأخبار بل يصبح أداة دبلوماسية موازية.
3. مواجهة الدعاية المضادة والتضليل الإعلامي
لا تخلو الساحة الدولية من محاولات تشويه المبادرات المغربية أو التقليل من شأنها. ومن ثم، يتعين على الإعلام المغربي تبني خطاب واضح ومدروس للرد على الإشاعات والأخبار الزائفة، مع الالتزام بالمصداقية والاحترافية، مما يكسبه ثقة الرأي العام الداخلي والدولي.
4. تحفيز النقاش الأكاديمي والفكري
من خلال الندوات، الحوارات، والبرامج الوثائقية، يمكن للإعلام أن يساهم في إنتاج خطاب أكاديمي وفكري حول المبادرة الملكية الأطلسية، بما يحفز الجامعات ومراكز التفكير على دراسة آثار هذه المبادرة وإبراز مكانتها المستقبلية.
5. استعمال الإعلام الرقمي والشبكات الاجتماعية
في عصر التواصل الرقمي، يصبح الإعلام الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي وسائل فعالة لتوسيع نطاق التعريف بالمبادرة، خصوصًا لدى الشباب والنخب الإفريقية. المحتوى الرقمي الإبداعي (مقالات، فيديوهات، إنفوغرافيك، تدوينات تحليلية) قادر على إحداث تأثير واسع وسريع.
إن نجاح المبادرة الملكية الأطلسية لا يتوقف فقط على قوة المشروع ذاته بل أيضًا على مدى مواكبته إعلاميًا بالشكل الذي يليق بمقامه وأهدافه الاستراتيجية. فالإعلام هو صوت الشعوب ولسان السياسات، وعليه أن يتحمل مسؤوليته الوطنية والتاريخية في إبراز المبادرة كعنوان للتعاون، التنمية، والسلم الأطلسي.
وكلما كان الإعلام وطنيًا، احترافيًا، ومبتكرًا، كلما زاد إشعاع المبادرة، وازدهر حضور المغرب في قارته وفي العالم.
تعليقات
0