المصطفى شقرون
هل ما تقوم به إسرائيل في غزة دفاع مشروع عن النفس ضد صواريخ “حماس”؟ أم هو عدوان همجي يستهدف الأطفال والنساء ويهدم الحجر قبل البشر؟
هل “حماس” مقاومة بطولية تدافع عن أرض محتلة وتُربك توازن القوة؟ أم أنها جماعة مغامرة تقود شعبًا أعزل إلى الهاوية وتحتمي بالمدنيين؟
هل إسرائيل هي الضحية التي تحاصرها قوى التطرف من كل الجهات؟ أم هي دولة احتلال تمارس القتل الجماعي تحت غطاء شرعية زائفة؟
أين يقف العالم؟ مع من يقف الضمير؟ وهل بقي للإنسانية من صوت وسط ركام غزة؟
كيف يمكن فهم الحرب الدائرة في غزة بين إسرائيل و”حماس”؟ هل هي حرب على الإرهاب كما تدعي إسرائيل، أم صراع بين احتلال طويل الأمد ومقاومة مشروعة؟
وهل تغذي هذه الحرب مصالح إقليمية ودولية على حساب الدم الفلسطيني؟ وما هو الثمن الذي يدفعه المدنيون؟ وأين يقف القانون الدولي من كل ذلك؟
منذ اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والعالم يتابع مشهدًا دمويًا متكررًا: غارات جوية، دمار شامل، دماء تُسفك، ومجتمع دولي يراقب بعينٍ شبه عمياء.
تقول إسرائيل إنها ترد على إطلاق صواريخ “حماس”، وأنها تستهدف منصات الإطلاق ومخازن الأسلحة. وتعرض مشاهد تُظهر استخدام البنية التحتية المدنية من قِبل الحركة، حسب زعمها، كمخابئ ومخازن.
من جهة أخرى، تقول “حماس” إنها تقاوم احتلالًا عمره أكثر من سبعين عامًا، وأنها تقاتل من أجل رفع الحصار الخانق على غزة، وتحرير الأرض، واستعادة الكرامة. تؤكد أن ما تملكه من صواريخ لا يُقارن بترسانة إسرائيل العسكرية، وأنها تخوض حربًا غير متكافئة، لكنها حرب من أجل البقاء.
في ظل هذا السجال الدموي، يقف الشعب الفلسطيني، وخاصة في غزة، في قلب العاصفة: بيوت تُهدم على رؤوس أصحابها، مستشفيات تكتظ بالجرحى، أطفال يبحثون عن لعبهم وسط الركام، وأمهات يدفنّ أبناءهن بعيون دامعة وقلوب محترقة.
أما المجتمع الدولي، فقد غلب عليه الصمت أو الاكتفاء بعبارات القلق والنداءات الشكلية. بعض الدول الكبرى تدعم “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، بينما شعوب كثيرة تملأ الشوارع تنديدًا بما تصفه بـ”الإبادة الجماعية”.
وفي هذا الصراع، تختلط أوراق السياسة بالدين، والمقاومة بالإرهاب، والحق بالقوة، وسط صراع إعلامي لا يقل ضراوة عن الصراع الميداني.
في النهاية، تبقى الحقيقة غارقة في الدم والدمار. إسرائيل ترى نفسها في معركة وجود، و”حماس” ترى نفسها في معركة تحرر. وبين الروايتين، يقف الضحية الحقيقية: الشعب الفلسطيني في غزة، المحاصر بين نيران العدو وخيارات مستحيلة.
فهل آن أوان الحل العادل؟ أم أن الحرب ستبقى قدرًا أبديًا لأرضٍ أنهكتها السياسة وجفّت من كثرة الدموع؟
تعليقات
0