المصطفى شقرون صحفي مهني مدير نشر صحيفة الحكمة بريس
في خضم الصراع المستمر في غزة، وفي ظل ما يعانيه الشعب الفلسطيني من دمار ودماء وتشريد، يطفو على السطح سؤال ملحّ: من يتحمل مسؤولية هذا الخراب؟ بينما يتعاطف العالم مع القضية الفلسطينية، تتصاعد أصوات من داخل الشعب نفسه تتهم حركة “حماس” بأنها سبب أساسي في الكارثة الحالية. فهل من المنطقي أن نواصل دعم “حماس” باسم المقاومة بينما الشعب يدفع الثمن؟ وهل أصبح الدفاع عن “حماس” في حد ذاته وقوفًا ضد مصلحة الشعب الفلسطيني؟
هل يُعتبر دعم حركة حماس دفاعًا عن القضية الفلسطينية أم اصطفافًا ضد مصلحة الشعب الفلسطيني؟ وهل يمكن فصل المقاومة عن منطق العقل والمسؤولية السياسية تجاه المدنيين؟ وأين يقف من يدعم “حماس” من الشعب الفلسطيني نفسه؟
لقد تأسست حركة حماس سنة 1987 كفرع من حركة الإخوان المسلمين، ورفعت شعار المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين. غير أن التجربة التاريخية منذ استلامها حكم غزة سنة 2007 أظهرت جوانب مظلمة من حكمها، سواء من حيث فرض الإيديولوجيا الدينية المتشددة أو من حيث فشلها في توفير مقومات الحياة الكريمة لسكان القطاع، الذين أصبحوا رهائن لحروب متكررة تدفع ثمنها المستشفيات والمدارس والمنازل والأطفال.
إن منطق “المقاومة إلى ما لا نهاية” دون حساب للتوازنات الدولية والظروف الإنسانية في القطاع، جعل من غزة مسرحًا دائمًا للخراب. ومع كل تصعيد، تفقد العائلات أبناءها، وتهدم البيوت، وتتقلص فرص الحياة. وفي المقابل، لا نرى إنجازًا سياسيًا واضحًا أو تحسنًا ملموسًا في حياة الناس.
من هنا، بدأت أصوات فلسطينية -من داخل غزة والضفة والشتات- تنتقد “حماس” بجرأة، وتقول إن القضية لم تعد قضية مقاومة فقط، بل صارت قضية حياة أو موت. لقد أصبح دعم “حماس” يُقرأ من قبل البعض كنوع من المزايدة على آلام الفلسطينيين، وكأن دعمها هو طمس لحقيقة ما يعانيه السكان تحت حكمها.
ومن هذا المنظور، فإن من يرفع راية “حماس” دون أن ينتقد ممارساتها، أو يبرر لها كل شيء باسم المقاومة، فهو يتجاهل عمداً صوت الضحايا الحقيقيين: المدنيين الفلسطينيين الذين لا صوت لهم في الداخل.
ليس من المنطقي اختزال الشعب الفلسطيني في حركة حماس، ولا يجوز المزايدة على معاناة المدنيين باسم شعارات المقاومة. من يدعم “حماس” دون وعي، قد يتحول دون أن يشعر إلى خصم للشعب نفسه. إن الانتصار الحقيقي لفلسطين لا يكون إلا من خلال الدفاع عن حياة أبنائها وكرامتهم، لا بتمجيد من يزج بهم في أتون الحروب دون أفق سياسي واضح.
Partager
تعليقات
0