من إنجاز المحقق الخاص Le détective privé المصطفى شقرون
صحفي مهني مدير نشر صحيفة الحكمة بريس
لم تعد الجريمة في بعض أحياء المدن المغربية مجرّد خرق قانوني، بل أصبحت في أحيان كثيرة تهديدًا مباشرًا لأمن المواطنين وسلامتهم الجسدية والنفسية. حادثة توقيف شخصين بآسفي متورطين في حيازة سلاح أبيض وتهديد حياة الأشخاص، تطرح بإلحاح تساؤلات حول الجريمة، والمجرم، ودور الأجهزة الأمنية، ومدى مشروعية اللجوء إلى السلاح الوظيفي لردع الخطر في لحظته.
ما الأسباب التي تدفع بعض الأفراد إلى التورط في الجريمة وتهديد أمن المواطنين؟ وما هو الدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية، خصوصًا عند استعمال السلاح الوظيفي؟ وهل أصبحت بعض الأحياء مرتعًا للانحراف؟ وما دور المجتمع والدولة في الوقاية والحماية؟
في أحد الأحياء السكنية بمدينة آسفي، انطلقت عملية ميدانية لعناصر الشرطة من أجل توقيف شخصين، معروفين بسوابقهم القضائية، بعد تلقي شكايات عن تهديدهم لأمن السكان بالسلاح الأبيض، بل وتحريض كلاب من فصيلة خطيرة لإفشال تدخل الأمن. هذا السلوك الإجرامي لا يعكس فقط تهور الجناة، بل أيضًا جرأة متصاعدة قد تجر المجتمع نحو منحدر عنف خطير.
لقد اضطر مفتش شرطة ممتاز لاستخدام سلاحه الوظيفي، بشكل احترازي، لتحييد الخطر؛ وهو ما يشكل حالة نموذجية لما يسمى بالاستعمال المشروع للقوة. في مثل هذه الظروف، يتطلب تدخل رجال الأمن شجاعة، تدريبًا نفسيًا وبدنيًا، ووعيًا قانونيًا عاليًا، خاصة عندما يتعلّق الأمر بحياة المواطنين، بل وأحيانًا حياتهم الشخصية أيضًا.
لكن خلف هذه الحوادث، تقف أسباب أعمق:
الفقر والهشاشة الاجتماعية
غياب التربية والقدوة داخل الأسرة
الإدمان على المخدرات والكحول
تفكك النسيج القيمي لدى بعض الشباب
انتشار ثقافة العنف عبر وسائل التواصل الاجتماعي
ويبقى على المؤسسات التعليمية، والمجالس المحلية، والمجتمع المدني، أن تلعب دورًا استباقيًا في التوعية، والاحتواء، وتقديم البدائل. كما أن الرهان على الشرطة المجتمعية، وتقوية آليات الوساطة داخل الأحياء الهشة، يعتبران من بين الحلول الممكنة لتقليص نسبة الجريمة.
من جانب آخر، لا يمكن التغاضي عن أهمية دعم العناصر الأمنية ماديًا ونفسيًا، خاصة وأنهم في الصف الأمامي لمواجهة العنف. استعمال السلاح الوظيفي يجب أن يظل محكومًا بضوابط صارمة، لكنه في بعض الحالات ضرورة لحماية الأرواح.
حادثة آسفي ليست استثناء، بل هي جرس إنذار يدعونا جميعًا – دولة، مجتمعًا، وأفرادًا – إلى وقفة تأمل في واقع الجريمة، وأسبابها، وسبل مواجهتها. لا يمكننا ترك الأحياء تتحول إلى مسارح عنف وصراع بين الأمن والمنحرفين. فكما نطالب بتدخل أمني ناجع، نطالب أيضًا بسياسات اجتماعية عادلة، وتعليم قوي، وشباب يجد طريقه إلى الحياة، لا إلى الجريمة.
تحرير: المحقق الخاص Le détective privé المصطفى شقرون

T
تعليقات
0