Advertisement
Advertisement

الساعة الإضافية في المغرب: بين منطق المصلحة وصرخة المواطن

المصطفى شقرون الأحد 6 أبريل 2025 - 20:41

تقرير: الصحفي المصطفى شقرون – مدير نشر صحيفة “الحكمة بريس”

منذ سنوات، يشهد المغرب جدلًا مستمرًا حول اعتماد الساعة الإضافية (GMT+1)، خاصة بعد القرار الحكومي المفاجئ سنة 2018 بجعلها توقيتًا دائمًا. وقد تباينت الآراء بين من يراها خطوة اقتصادية مدروسة، ومن يعتبرها قرارًا إداريا لا يراعي الجوانب الاجتماعية والنفسية للمواطن المغربي. ومع كل دخول مدرسي أو رمضاني، يتجدد النقاش، ويتصاعد الجدل.

هل الساعة الإضافية في المغرب قرار صائب يُحقق مكاسب اقتصادية ويدعم انخراط المغرب في المنظومة الدولية، أم أنها عبء نفسي واجتماعي يُثقل كاهل المواطن المغربي، خصوصًا الأطفال وذوي المهن الصباحية؟ وما بين مؤيد ومعارض، كيف نقرأ هذا التوقيت من زواياه المختلفة: السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية؟

1. من زاوية المواطن البسيط (العامي):

كثير من المواطنين يعبرون عن تذمرهم من الساعة الإضافية. “ولدي كيمشي يقرا فالظلام”، تقول أم لطفلين، تعاني مع برنامج أبنائها الصباحي. يشعر المغاربة أن هذه الساعة تُفسد إيقاعهم البيولوجي، وتسبب لهم التعب، خصوصًا في فصل الشتاء حين يخرج الأطفال للعمل أو الدراسة قبل بزوغ الشمس. كما يُحسّ البعض بأن القرار فُرض دون تشاور ولا دراسة واضحة.

2. من الزاوية السياسية:

الحكومة بررت الإبقاء على الساعة الإضافية بكونه خيارًا استراتيجيًا، يندرج ضمن التزامات المغرب الاقتصادية مع شركائه الأوروبيين، ويساهم في الاستقرار الإداري. لكنّ المعارضة ترى أن الحكومة لم تفتح نقاشًا وطنيًا حول القرار، وتتهمها بعدم الإصغاء لصوت الشارع. ويرى بعض البرلمانيين أن الساعة الإضافية باتت رمزًا لفجوة التواصل بين المواطن وصانع القرار.

3. من الزاوية الاقتصادية:

وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية أكدت في تقرير سابق أن الساعة الإضافية تساهم في الاقتصاد الطاقي، وتقوي تنافسية الاقتصاد المغربي على مستوى التبادلات مع أوروبا، خاصة فيما يتعلق بالبنوك والخدمات اللوجستية.

لكن اقتصاديين مستقلين يشككون في ذلك، ويطالبون بدراسات ميدانية مستقلة تُقارن فعليًا بين الكلفة النفسية والاجتماعية للمواطن وبين الأرباح المحتملة للدولة.

4. من الزاوية التربوية والنفسية:

الأطفال والمتمدرسون هم الفئة الأكثر تضررًا. أطباء نفسانيون أكدوا وجود اضطرابات في النوم لدى التلاميذ، مع تراجع التركيز خلال الساعات الأولى من الصباح. الجمعيات التربوية تطالب بمراجعة القرار، أو على الأقل تأجيله إلى ما بعد دخول التلاميذ صباحًا.

5. من زاوية رجال الأعمال والمقاولات:

عدد من المستثمرين يرون في التوقيت الحالي وسيلة فعالة لتقريب المغرب من الشركاء الأوروبيين في توقيت العمل، مما يسهل التبادلات التجارية. ويعتبرون أن العودة إلى توقيت غرينتش يُربك البرمجة الرقمية وتوقيت المعاملات البنكية مع الشركاء الأجانب.

الساعة الإضافية في المغرب ليست قرارا تقنيات أو إداريا فقط، بل مسألة تمس الحياة اليومية للمواطن، وتكشف عن عمق العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بين المصلحة الاقتصادية وراحة الفرد. وبين المؤيد والمعارض، يبقى الحل في فتح نقاش وطني جاد، تشارك فيه جميع الأطراف، لإيجاد صيغة توافقية تُراعي المصلحة العامة دون إغفال صحة وسلامة الإنسان المغربي. فهل آن الأوان لإعادة النظر؟ أم أن الأمر محسوم باسم “الاستقرار الإداري”؟

Advertisement

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

7 أبريل 2025 - 14:46

الجرائم الإلكترونية: بين التطور الرقمي والتحديات القانونية

7 أبريل 2025 - 10:46

رحلة الفكر البشري: من فلاسفة اليونان إلى فلاسفة العصر الحديث

6 أبريل 2025 - 20:47

بين السلاح الأبيض والخطر الداهم: قراءة في الجريمة ودور الأمن في التحصين المجتمعي

6 أبريل 2025 - 20:35

آسفي.. توقيف شخصين يشتبه في تورطهما في حيازة السلاح الأبيض دون سند مشروع، والتهديد بارتكاب جنايات