المصطفى شقرون
لطالما ارتبطت المؤسسات السجنية في الأذهان بالعقاب والعزل، غير أن التحولات الحديثة في مفهوم العقوبة أدّت إلى إعادة النظر في دور السجن، ليتحول من فضاء للعقوبة فقط إلى مؤسسة إصلاحية، تأهيلية، ومندمجة في محيطها الجهوي. هذا التطور في الرؤية جعل من المؤسسات السجنية فاعلًا محتملًا في مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية، خاصة حينما تُوفّر برامج للتكوين، الإدماج، والتفاعل مع المجتمع.
ما مدى قدرة المؤسسات السجنية على لعب دور فعّال في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للجهات؟ وهل يمكن تحويل الفضاء السجني من عبء على الدولة إلى رافعة تنموية تساهم في إعادة الإدماج وتقليص الهشاشة؟
تُعد المؤسسات السجنية جزءًا من النسيج المجتمعي، رغم أنها تستقبل فئة خارجة عن القانون. وبمقاربة حقوقية وتنموية، يمكن أن تتحول إلى فضاء منتج يُساهم في التنمية، بدل أن يبقى مكانًا للتكلفة والمصاريف فقط.
1. الدور الاجتماعي للمؤسسات السجنية:
إعادة التأهيل والإدماج: من خلال برامج محو الأمية، التعليم، التدريب المهني، والدعم النفسي.
محاربة العودة إلى الجريمة: بتوفير آفاق مستقبلية للسجناء عبر تكوينات وشهادات معترف بها.
التماسك الأسري: من خلال تسهيل الزيارات، والإبقاء على الروابط العائلية.
دور في الوقاية من الانحراف: خاصة إذا أُدرجت برامج تحسيسية للشباب بالتنسيق مع المدارس والمجتمع المدني.
2. الدور الاقتصادي للمؤسسات السجنية:
خلق فرص الشغل داخل المؤسسة: سواء للسجناء أو للأطر العاملة بها.
الإنتاج داخل الورشات السجنية: مثل النجارة، الفلاحة، الصناعة التقليدية، مما قد يُدرّ مداخيل تساعد في تمويل البرامج.
تنمية المناطق المجاورة: حيث تُساهم المؤسسات السجنية في تنشيط الاقتصاد المحلي (نقل، تموين، خدمات…).
3. مقترحات لتعزيز الدور التنموي للمؤسسات السجنية:
الانفتاح على الشراكات مع الجماعات الترابية والقطاع الخاص.
توفير مراكز استقبال ومواكبة بعد الإفراج.
الاعتراف بالشهادات المهنية المسلمة داخل السجون.
تعزيز البنية التحتية والموارد البشرية.
لم تعد المؤسسة السجنية مجرد فضاء للعقاب والعزل، بل أصبحت فاعلًا مؤثرًا في التنمية، شرط أن تحظى بالرؤية والإرادة والدعم الضروري. فبإمكان السجون أن تكون أماكن للإصلاح، للإنتاج، ولإعادة بناء الإنسان. وإذا تمّ الاستثمار في السجين كمواطن قابل للتغيير، فإن الأثر الاجتماعي والاقتصادي سيطال الجهة بأكملها.
تعليقات
0