المصطفى شقرون(صحفي )
يعد القذف والسب من الجرائم التي تمس شرف الأفراد وكرامتهم، ويحرص القانون على حماية الأشخاص من هذه الأفعال لما لها من آثار اجتماعية ونفسية خطيرة. وقد نصت التشريعات الجنائية على عقوبات لهذه الجرائم، خاصة عندما يتم نشرها عبر وسائل الإعلام أو عبر الفضاء الرقمي، لما لذلك من تأثير واسع النطاق.
كيف يميز القانون بين القذف والسب؟ وما هي الأركان القانونية لكل منهما؟ وما هي العقوبات المترتبة على نشر هذه الجرائم سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؟
1. تعريف القذف والسب في القانون
القذف: يُعرف القذف قانونيًا على أنه ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص معين أو هيئة معينة، إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص أو الهيئة.
السب: يتمثل في كل تعبير مشين أو عبارة تحقير حاطة من الكرامة أو قدح، لا تتضمن نسبة واقعة معينة إلى الشخص المعني.
2. الفرق بين القذف والسب
القذف يقوم على إسناد فعل محدد إلى الشخص أو الهيئة، مما يعني أنه يقتضي وجود واقعة معينة قابلة للإثبات أو التفنيد.
السب لا يشترط أن يكون متضمنًا واقعة محددة، بل يكفي استخدام عبارات مشينة تحط من الكرامة أو تسيء إلى الشخص المستهدف.
3. وسائل ارتكاب القذف والسب
وفقًا للقانون، يمكن أن يتم القذف أو السب عبر:
الخطب أو الصياح أو التهديدات: عند التصريح بها علنًا في أماكن عمومية أو عبر منصات عامة.
المكتوبات أو المطبوعات أو الملصقات: أي من خلال الكتابة في الصحف، الكتب، المنشورات أو الملصقات العامة.
المضامين المنشورة أو المبثوثة أو المذاعة: سواء عبر وسائل الإعلام التقليدية أو الحديثة كوسائل التواصل الاجتماعي.
4. نشر القذف والسب والمسؤولية القانونية
يعاقب القانون على نشر القذف أو السب سواء تم بشكل مباشر أو عن طريق النقل، حتى لو تم نشره بصيغة الشك أو الإيحاء.
يمكن اعتبار النشر جريمة حتى وإن لم يُذكر الشخص أو الهيئة بشكل صريح، طالما أن العبارات الواردة في المنشور يمكن أن تؤدي إلى التعرف عليهم.
الاستثناء القانوني: لا تُحرك دعوى القذف إلا إذا كانت الواقعة المنسوبة إلى الشخص يعاقب عليها القانون، مما يعني أن هناك فرقًا بين الإخبار بواقعة صحيحة غير مجرّمة، وبين الادعاء الباطل الذي يمس الشرف والاعتبار.
تحليل النص( المصطفى شقرون )
القذف يتطلب وجود ادعاء بواقعة يمكن التحقق منها، مما يجعله أكثر خطورة من السب، إذ يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بسمعة الشخص من خلال تقديم معلومات كاذبة.
السب، رغم عدم تضمنه إسناد وقائع، إلا أنه يمس الكرامة الشخصية، مما يجعله جريمة يعاقب عليها القانون.
وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة زادت من انتشار هذه الجرائم، مما استدعى تشديد العقوبات لحماية الأفراد والمجتمع من التشهير والاعتداء على السمعة.
القانون يوازن بين حماية الأشخاص من هذه الجرائم وبين حماية حرية التعبير، حيث يضع حدودًا واضحة بين النقد المشروع والقذف أو السب.
يعد القذف والسب من الجرائم التي تؤثر على الأفراد والمجتمع، وقد أولى القانون أهمية كبيرة لمواجهتهما، خاصة في ظل الانتشار السريع للمعلومات عبر الإنترنت. ومع ذلك، يجب أن يتم تطبيق القوانين بحكمة، بحيث لا يتم استخدامها لتقييد حرية التعبير المشروع، ولكن لحماية الأفراد من التشهير والاعتداء على كرامتهم.
تعليقات
0