المصطفى شقرون(صحفي)
في معارك الحياة، لا يكون الانتصار حكرًا على الأكثر قوة أو صلابة، بل على من يمتلك المرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات. لطالما أثارت العلاقة بين السلطة والمواطن تساؤلات حول حدود القوة وحدود الحكمة. حادثة المرأة التي صفعت قائد تمارة تعكس هذا الصراع الأزلي بين العنف كأداة للمواجهة، والحكمة كوسيلة لاحتواء الأزمات. فهل كانت القوة في يد المرأة التي واجهت، أم في يد القائد الذي تعامل بمرونة ونعومة؟
إلى أي مدى يمكن اعتبار المرونة والتروي سلاحًا أقوى من الصلابة والمواجهة العنيفة؟ وهل تعكس حادثة المرأة وقائد تمارة طبيعة الصراع بين السلطة والمواطن، أم أنها حالة فردية تعكس أبعادًا نفسية واجتماعية أعمق؟
لطالما ارتبط مفهوم القوة بالهيمنة والسيطرة، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. في المشهد الذي عاشته مدينة تمارة، تصرفت المرأة بدافع الغضب أو الاستفزاز، فاختارت المواجهة المباشرة من خلال العنف الجسدي، بينما اختار القائد عدم الرد بالمثل، بل واجه الأمر بحكمة وهدوء.
يمكننا تحليل الموقف من زاويتين:
1. زاوية المرأة: قد تكون هذه السيدة شعرت بأنها ضحية ظلم أو تجاوز، ما دفعها إلى التعبير عن احتجاجها بشكل مباشر. وربما اختزلت تجربتها مع السلطة في لحظة غضب انفجرت على شكل صفعات متكررة.
2. زاوية القائد: بحكم موقعه، يدرك جيدًا أن المواجهة العنيفة مع المواطنين قد تؤدي إلى عواقب غير محمودة، خصوصًا في زمن تراقب فيه وسائل الإعلام والرأي العام كل تصرف. المرونة والهدوء لم يكونا دليل ضعف، بل ربما كانا استراتيجيا ذكية تحافظ على كرامته من جهة، وتجنب تصعيد الموقف من جهة أخرى.
المجتمعات الحديثة لم تعد تعتمد على القوة الجسدية بقدر ما تعتمد على الذكاء الاجتماعي والسياسي في التعامل مع المواقف الحساسة. هنا يظهر الفرق بين القوة الحقيقية التي تكمن في التحكم في ردود الفعل، والقوة الظاهرية التي قد تعكس لحظة اندفاع غير محسوبة.
الحياة معركة مستمرة، لكنها ليست دائمًا معركة عضلات أو صوت مرتفع، بل هي معركة ذكاء وتكتيك. المرأة التي صفعت القائد قد تكون اعتقدت أنها انتصرت للحظة، لكنها خسرت في ميزان القانون والمجتمع. أما القائد الذي واجه الحدث بصمت وهدوء، فقد أظهر أن القوة تكمن في السيطرة على الذات وليس في رد الفعل المتهور. في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يكون النصر لمن يضرب أولًا، أم لمن يتحكم في زمام الأمور بحكمة؟
تعليقات
0