حق التصوير في الصحافة الإلكترونية بين القانون والممارسة: قراءة في المادة 35 من قانون الصحافة 88.13
المصطفى شقرون، صحفي مهني، مدير نشر صحيفة الحكمة بريس.
في زمن أصبحت فيه الصورة أكثر تعبيرًا من الكلمات، تزايد الإقبال على التوثيق البصري للوقائع والأحداث، خاصة من قبل الصحفيين الإلكترونيين الذين يعملون في الميدان. ومع هذا التطور، برزت الحاجة لتنظيم عملية التصوير وضبطها قانونيًا، حفاظًا على الحقوق وتفادي الفوضى. في هذا الإطار، جاءت المادة 35 من قانون الصحافة والنشر رقم 88.13، لتؤطر عمليات التصوير الذاتي الموجه لخدمة الصحافة الإلكترونية. لكن التطبيق العملي لهذه المادة لا يخلو من إشكالات، خاصة حين يصطدم الحق القانوني برفض بعض المسؤولين الميدانيين، كما حدث مع السيدة التي قامت بصفع قائد بمنطقة تمارة بسبب منعه لها من التصوير.
إلى أي حد يُحترم الحق القانوني للصحفيين الإلكترونيين في التصوير الميداني؟ وما هي الإشكالات التي تطرحها المادة 35 من قانون 88.13 بين النص والتطبيق، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتصوير دون ترخيص؟ وهل ردود الفعل مثل حادثة صفع القائد تعكس خللاً في فهم القانون أم احتقانًا تجاه السلطة؟
تنص المادة 35 من القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر على ما يلي:
“تستفيد الصحيفة الإلكترونية التي استوفت شروط المادة 21 من نفس القانون، وجوبا من تصريح للتصوير الذاتي، مسلم من طرف المركز السينمائي المغربي، صالح لمدة سنة قابلة للتجديد، للإنتاج السمعي البصري الموجه لخدمة الصحافة الإلكترونية.
يتعرض كل تصوير بدون تصريح، للعقوبات النصوص عليها في التشريع الجاري به العمل في هذا المجال.”
هذا النص يوضح بشكل لا لبس فيه أن التصوير الذاتي الموجه للصحافة الإلكترونية خاضع لتصريح سنوي من المركز السينمائي المغربي. وهو ما يعني أن التصوير في الأماكن العامة أو في المناسبات يخضع لهذا الترخيص، حفاظًا على المهنة من الدخلاء وحمايةً للخصوصية العامة والخاصة.
غير أن الواقع يكشف صعوبات عديدة في تطبيق هذا القانون، خاصة في غياب التوعية الكافية للصحفيين والمواطنين وحتى رجال السلطة المحلية بمضامين هذا الفصل. حادثة السيدة التي صفعت القائد ليست سوى تجلٍّ لهذه الفجوة بين ما هو منصوص عليه قانونًا وما هو مفعل على أرض الواقع. فالسيدة، وإن لم تكن تحمل بطاقة صحفية أو تصريح تصوير، اعتبرت نفسها في “حقها” حين حاولت توثيق حدث ما، ولم تستسغ المنع الذي قد يكون قانونيًا.
ورغم أن رد فعلها مرفوض أخلاقيًا وقانونيًا، إلا أن سلوكها يكشف عن احتقان اجتماعي تجاه السلطة وتزايد شعور المواطنين بامتلاكهم لـ”حق التصوير” بحكم الانتشار الواسع للهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي، مما يتطلب مراجعة في مستوى التواصل المؤسساتي بين المواطن والإدارة.
إن المادة 35 من قانون الصحافة 88.13 وضعت ضوابط قانونية مهمة لحماية مهنة الصحافة الإلكترونية، لكنها في حاجة لتفعيل متوازن ومصاحب بتوعية واسعة. كما أن الحوادث التي تتسم بالعنف اللفظي أو الجسدي ضد رجال السلطة أو المواطنين يجب أن تُقرأ في سياقها القانوني والاجتماعي، لا أن تُختزل فقط في ردود فعل آنية. فالمطلوب هو نشر ثقافة قانونية مشتركة تُحترم فيها الحقوق وتُمارس فيها السلطات بنزاهة ووضوح.
تعليقات
0