المصطفى شقرون ، صحفي مهني، مدير نشر صحيفة ” الحكمة بريس “
كلما أحرز المغرب تقدمًا ملحوظًا في مجالات متعددة من الاقتصاد والتنمية الاجتماعية، تعالت الأصوات المحبطة في محاولات لزعزعة استقرار الوطن. يأتي هذا التهديد الجديد في شكل خطابات سلبية تستهدف الشباب المغربي وتعمل على تغذية اليأس والإحباط، مما يدفعهم إلى التفكير في الهجرة كخيار للخلاص. فما هو أثر هذا الخطاب على الشباب، وكيف يمكن مواجهته؟
على الرغم من الخطوات المهمة التي قطعها المغرب نحو التنمية والتقدم، يبقى تحدي الحفاظ على استقرار البلاد إحدى القضايا الأكثر إلحاحًا. تبرز الإشكالية في أن الخطاب الشعبي السلبي، الذي يروج للفشل واليأس، قد يكون له تأثير كبير على جيل الشباب، ما يهدد مستقبل البلاد عبر موجات هجرة قد تفرغها من كفاءاتها.
1. التقدم المغربي على مختلف الأصعدة:
شهد المغرب تطورًا ملحوظًا في مجالات مثل البنية التحتية، الاستثمار الأجنبي، والتكنولوجيا. مع تدشين مشاريع ضخمة كالموانئ، السكك الحديدية الفائقة السرعة، والمناطق الصناعية الجديدة، أصبح المغرب جسرًا بين إفريقيا وأوروبا ومركزًا للاستثمار الدولي. هذه التطورات لم تكن إلا بداية لمزيد من الطموحات، حيث يهدف المغرب إلى تعزيز مكانته الاقتصادية والسياسية في الساحة العالمية.
2. الخطاب الشعبي السلبي وأثره:
رغم الإنجازات، يتزايد خطاب شعبي سلبي في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، يركز على الفقر، البطالة، والفساد. ينتشر هذا الخطاب بسرعة بين الشباب، حيث يشكك في قيمة الإنجازات الوطنية ويسوق صورة سوداوية عن المستقبل. غالبًا ما يكون هذا الخطاب مدفوعًا بأجندات خارجية أو سياسية تهدف إلى تشويه صورة الحكومة والسياسات العامة.
3. دور الأعداء في زعزعة الاستقرار:
تعمل بعض الجهات المعادية على استغلال نقاط الضعف في المجتمع المغربي من أجل نشر الفتنة والتفرقة. عبر تمويل حملات إعلامية مغرضة أو استهداف الشباب عبر الإنترنت، تحاول هذه الجهات زعزعة الاستقرار الداخلي وضرب الثقة بين المواطن والدولة. وهذا ما يفتح المجال أمام استراتيجيات “الحرب الناعمة” التي تضعف معنويات الشعب.
4. الهجرة كحل موهوم:
أمام هذا اليأس المصطنع، يرى بعض الشباب في الهجرة الحل الأمثل لمشاكلهم، متناسين التحديات الكبيرة التي تواجههم في الدول المضيفة. الهجرة غير النظامية تعرض حياة الكثيرين للخطر، وتفقد المغرب طاقات بشرية يحتاج إليها لتحقيق المزيد من التقدم.
الخطاب السلبي ليس سوى جزء من استراتيجية أوسع لتفتيت المجتمعات من الداخل. الشباب المغربي، في غياب وعي كافٍ، يمكن أن يصبح فريسة سهلة لهذه الحملات. يتطلب التصدي لهذه الظاهرة تعزيز الثقة بالنفس الوطنية، وتحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية، وتقديم فرص عمل حقيقية تُغني الشباب عن التفكير في الهجرة. على الدولة أن تستجيب لهذه التحديات بمشاريع اقتصادية واجتماعية تستهدف بالأساس الفئات المهمشة.
على المغرب أن يستمر في مواجهة خطاب اليأس والتشكيك الذي يروج له الأعداء عبر تطوير رؤية مستقبلية تستند إلى الحوار المجتمعي والشبابي. يحتاج الشباب إلى الثقة في وطنهم ومستقبلهم، وتحتاج الدولة إلى تجديد آليات العمل من أجل تحقيق مزيد من الشفافية والعدالة. إن تحصين الاستقرار الوطني لا يأتي فقط من الإنجازات الاقتصادية، بل أيضًا من تقوية الروح الوطنية ومنح الشباب الفرصة للمشاركة في بناء الوطن.
تعليقات
0