نقاشات جادة أم مسرحيات سياسية؟
المصطفى شقرون : مدير نشر ” الحكمة بريس”
البرلمان المغربي، بمجلسيه مجلس النواب ومجلس المستشارين، يعد من أبرز مؤسسات الدولة التي يُنتظر منها تشريع القوانين ومراقبة عمل الحكومة. تتجه أنظار المواطنين إلى ما يجري داخل قبتي البرلمان، حيث يُفترض أن تُطرح القضايا التي تهمهم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ما يحدث داخل البرلمان هو نقاشات جادة وحوارات بناءة، أم مسرحيات سياسية تهدف إلى كسب نقاط انتخابية؟
تتنوع المواقف والرؤى داخل البرلمان المغربي، وتختلف مناقشات البرلمانيين بحسب الانتماءات الحزبية والمصالح الفردية والجماعية. هذه التناقضات تثير تساؤلات حول حقيقة ما يجري: هل هي صراعات حقيقية حول قضايا مصيرية، أم أنها مجرد نزاعات تهدف إلى إظهار كل طرف بمظهر القوي أمام جمهوره؟ وهل ينجح البرلمان في تحقيق أهدافه الحقيقية، أم أنه تحول إلى ساحة للصراعات والمسرحيات ،داخل قبتي البرلمان المغربي، نجد مزيجًا من النقاشات الحادة والصراعات المفتوحة. هناك من يرى أن هذه النقاشات تعكس حيوية الديمقراطية المغربية وتنوع وجهات النظر. يُجادل هؤلاء بأن البرلمان هو المكان الطبيعي لتبادل الأفكار والاختلاف في الرأي، وأن هذه الصراعات هي جزء من العملية الديمقراطية التي تهدف إلى الوصول إلى أفضل القرارات.
لكن هناك وجهة نظر أخرى ترى أن ما يحدث داخل البرلمان هو أقرب إلى مسرحيات سياسية، حيث يستغل البرلمانيون المنصة لكسب التعاطف وجذب الانتباه، سواء من الإعلام أو من الناخبين. قد يتم تضخيم القضايا البسيطة وجعلها تبدو كأزمات وطنية، وذلك لتحقيق مكاسب سياسية أو حزبية.
تتجلى هذه الظواهر في بعض المشاهد المثيرة للجدل، مثل المشادات الكلامية، ورفع الشعارات الحزبية، والخروج عن النص في النقاشات. في كثير من الأحيان، تنحرف النقاشات عن القضايا المهمة التي تمس حياة المواطنين، لتتحول إلى مناوشات شخصية وتبادل للاتهامات. وهذا يثير تساؤلات حول جدية هذه النقاشات ومدى تأثيرها على العمل التشريعي والرقابي للبرلمان.
في بعض الأحيان، يبدو أن الصراع داخل البرلمان ليس حول تقديم حلول لقضايا الوطن، بل حول تسجيل النقاط ضد الخصوم السياسيين. هذا التحايل على قضايا المواطنين يظهر بشكل خاص عندما يتم مناقشة ملفات ذات طابع شعبي أو اجتماعي، حيث يسعى كل طرف إلى إظهار نفسه بمظهر المدافع عن مصالح الشعب، بينما يتهم الآخر بالتقصير أو الانحراف عن المصلحة العامة.
لا شك أن البرلمان المغربي يعكس جزءًا من المشهد السياسي الوطني، بتنوعه وتناقضاته. وبينما يطمح المواطن إلى نقاشات جادة وحلول واقعية لقضاياه، يجد نفسه في كثير من الأحيان أمام مشاهد تثير الشكوك حول جدية العمل البرلماني. يبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح المؤسسة البرلمانية في تجاوز هذه الصراعات والمسرحيات لتكون فعلاً مؤسسة ديمقراطية تخدم الوطن والمواطن؟
تعليقات
0