مراكش/28 مارس 2024 (ومع) تكتسي ساحة جامع الفنا خلال شهر رمضان الكريم طابعا اجتماعيا، حيث تسود قيم التضامن والتآزر والتكافل بين مكونات هذا الفضاء التاريخي من رواد الحلقة وأصحاب المطاعم المتنقلة والتجار، كتجسيد لمبادئ متأصلة منذ القدم في المجتمع المغربي.
تتجسد في ساحة جامع الفنا العريقة بالمدينة الحمراء، قيم التضامن والتآزر، في أبهى صورها وتجلياتها، خلال شهر رمضان الكريم، سواء مع الأسر المحتاجة أو الأفراد في وضعية هشاشة، حيث يقصدونها، باستمرار، قبل حلول وقت الافطار، للاستفادة من وجبات غذائية يتم تقديمها بهذه المناس
وداخل هذه الساحة، يشكل أصحاب الحلقة أو “الحلايقية”، جزء أساسيا وعنصرا مهما في الدينامية السياحية التي تشهدها على مدار السنة، غير أن هذه الفئة تعتبر الأكثر هشاشة داخل مكونات هذا الفضاء بالنظر إلى ما يحصلون عليه من دخل محدود، وتأثرهم بتقلبات النشاط السياحي بالمدينة الحمراء ولاسيما خلال شهر رمضان.
من جهة أخرى، وإلى جانب التضامن مع هذه الفئة الهشة، يحرص عدد من المحسنين على توفير وجبات إفطار مجانية لفائدة زوار جامع الفنا من الأسر المعوزة، أو الأشخاص بدون مأوى، أو عابري السبيل القاطنين بالفنادق التقليدية المتواجدة بمحيط الساحة. وهو تقليد دأب عليه العديد من المراكشيين خلال هذه المناسبة الدينية التي تسود فيها القيم الإسلامية السمحة المتجسدة في الإيثار والكرم وإجابة المحتاج.
وتعكس هذه الأجواء التضامنية ما اتسمت به ساحة جامع الفنا على مر السنين، من ترسيخ القيم الاجتماعية، إلى جانب مساهمتها في تعزيز إشعاع الوجهة السياحية لمراكش على المستوى الوطني والدولي، في جوانبها الاقتصادية والثقافية والترفيهية.
وأكد رئيس تنسيقية جمعية المجتمع المدني بساحة جامع الفنا، عبد الحق بن الخدير، في تصريح له أن شيم التضامن التي يتحلى بها المراكشيون على الخصوص، والمغاربة عموما، تتجلى داخل الساحة خلال رمضان، عبر دعم عدد من أصحاب المحلات التجارية المطلة على الساحة وأصحاب المأكولات لمنشطي الحلقة الذين لا يستأنفون نشاطهم إلا بعد صلاة التراويح.
وثمن في هذا السياق الأجواء التي تعيشها ساحة جامع الفنا خاصة مع آذان صلاة المغرب والمتسمة بالتضامن مع المحتاجين من مكونات الساحة، وأيضا مع زائريها ولاسيما الأشخاص بدون مأوى، والتي تؤثثها الأطباق المغربية الشهية المرتبطة بهذا الشهر الفضيل.
وأشار بن الخدير، وهو أيضا رئيس جمعية تجار وحرفيي سوق الجديد بالساحة، من جهة أخرى، إلى أن وتيرة النشاط داخل هذا الفضاء الثقافي العريق تكون بطيئة خلال الفترة الصباحية، وتبدأ في الارتفاع بعد صلاة العصر، حيث يشرع أصحاب المطاعم المتنقلة بالتوافد على الساحة استعدادا لاستقبال المزيد من السياح، في حين أن منشطي الحلقة يأخذون أماكنهم في انتظار تقديم عروضهم بعد ساعة الإفطار.
كما لفت إلى إقبال السياح الأجانب على الأكلات المغربية الأصيلة، مثمنا في هذا السياق دور جمعيات المجتمع المدني في القيام بعمليات تحسيسية بشكل يومي للحفاظ على جودة المأكولات، فضلا عن الدور الفعال للجهات المختصة بالمراقبة الصحية.
وتضفي الأجواء الليلية الرمضانية الحيوية والنشاط على ساحة جامع الفنا، المصنفة ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي لليونسكو منذ سنة 2008. هاته الأجواء يساهم في خلقها منشطو الحلقة الذين يسعون إلى رسم الابتسامة على وجه الزوار، على ايقاع أنغام وأهازيج المجموعات الفنية كـ”الروايس” و”عيساوة” والطرب الشعبي والغيوان.
تعليقات
0