Advertisement
Advertisement

تحليل الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء

المصطفى شقرون الخميس 7 نوفمبر 2024 - 14:23

الخطاب الملكي السامي:

“الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

شعبي العزيز،

نخلد اليوم، ببالغ الاعتزاز، الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء.

وهي مسيرة سلمية وشعبية، مكنت من استرجاع الصحراء المغربية، وعززت ارتباط سكانها، بالوطن الأم.

ومنذ ذلك الوقت، تمكن المغرب من ترسيخ واقع ملموس، وحقيقة لا رجعة فيها، قائمة على الحق والشرعية، والالتزام والمسؤولية. ويتجلى ذلك من خلال :

– أولا : تشبث أبنائنا في الصحراء بمغربيتهم، وتعلقهم بمقدسات الوطن، في إطار روابط البيعة، القائمة عبر التاريخ، بين سكان الصحراء وملوك المغرب.

– ثانيا : النهضة التنموية، والأمن والاستقرار، الذي تنعم به الصحراء المغربية.

– ثالثا : الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء، والدعم الواسع لمبادرة الحكم الذاتي.

وبموازاة مع هذا الوضع الشرعي والطبيعي، هناك مع الأسف، عالم آخر، منفصل عن الحقيقة، ما زال يعيش على أوهام الماضي، ويتشبث بأطروحات تجاوزها الزمن :

– فهناك من يطالب بالاستفتاء، رغم تخلي الأمم المتحدة عنه، واستحالة تطبيقه، وفي نفس الوقت، يرفض السماح بإحصاء المحتجزين بمخيمات تندوف، ويأخذهم كرهائن، في ظروف يرثى لها، من الذل والإهانة، والحرمان من أبسط الحقوق.

– وهناك من يستغل قضية الصحراء، للحصول على منفذ على المحيط الأطلسي.

لهؤلاء نقول : نحن لا نرفض ذلك؛ والمغرب كما يعرف الجميع، اقترح مبادرة دولية، لتسهيل ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، في إطار الشراكة والتعاون، وتحقيق التقدم المشترك، لكل شعوب المنطقة.

– وهناك من يستغل قضية الصحراء، ليغطي على مشاكله الداخلية الكثيرة.

– وهناك كذلك من يريد الانحراف بالجوانب القانونية، لخدمة أهداف سياسية ضيقة.

لهؤلاء أيضا نقول : إن الشراكات والالتزامات القانونية للمغرب، لن تكون أبدا على حساب وحدته الترابية، وسيادته الوطنية.

لقد حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته.

شعبي العزيز

إن المرحلة التي تمر منها قضية وحدتنا الترابية، تتطلب استمرار تضافر جهود الجميع.

ونود الإشادة هنا، على وجه الخصوص، بروح الوطنية التي يتحلى بها المغاربة المقيمون بالخارج، وبالتزامهم بالدفاع عن مقدسات الوطن، والمساهمة في تنميته.

وتعزيزا لارتباط هذه الفئة بالوطن، قررنا إحداث تحول جديد، في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج.

وذلك من خلال إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بها، بما يضمن عدم تداخل الاختصاصات وتشتت الفاعلين، والتجاوب مع حاجياتها الجديدة.

لهذا الغرض، وجهنا الحكومة للعمل على هيكلة هذا الإطار المؤسساتي، على أساس هيأتين رئيسيتين :

– الأولى، هي مجلس الجالية المغربية بالخارج، باعتباره مؤسسة دستورية مستقلة، يجب أن تقوم بدورها كاملا، كإطار للتفكير وتقديم الاقتراحات، وأن تعكس تمثيلية مختلف مكونات الجالية.

وبهذا الخصوص، ندعو إلى تسريع إخراج القانون الجديد للمجلس، في أفق تنصيبه في أقرب الآجال.

– أما الثانية، فهي إحداث هيئة خاصة تسمى “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج”، والتي ستشكل الذراع التنفيذي، للسياسة العمومية في هذا المجال.

وسيتم تخويل المؤسسة الجديدة، مهمة تجميع الصلاحيات، المتفرقة حاليا بين العديد من الفاعلين، وتنسيق وإعداد الاستراتيجية الوطنية للمغاربة المقيمين بالخارج وتنفيذها.

وستقوم المؤسسة الجديدة كذلك، بتدبير “الآلية الوطنية لتعبئة كفاءات المغاربة المقيمين بالخارج”، التي دعونا لإحداثها، وجعلها في صدارة مهامها.

وذلك لفتح المجال أمام الكفاءات والخبرات المغربية بالخارج، ومواكبة أصحاب المبادرات والمشاريع.

وإننا ننتظر من هذه المؤسسة، من خلال انخراط القطاعات الوزارية المعنية، ومختلف الفاعلين، أن تعطي دفعة قوية، للتأطير اللغوي والثقافي والديني، لأفراد الجالية، على اختلاف أجيالهم.

ومن أهم التحديات، التي يتعين على هذه المؤسسة رفعها، تبسيط ورقمنة المساطر الإدارية والقضائية، التي تهم أبناءنا بالخارج.

كما نحرص أيضا، على فتح آفاق جديدة، أمام استثمارات أبناء الجالية داخل وطنهم. فمن غير المعقول أن تظل مساهمتهم في حجم الاستثمارات الوطنية الخاصة، في حدود 10 %.

شعبي العزيز،

إن التضحيات التي قدمها جيل المسيرة، تحفزنا على المزيد من التعبئة واليقظة، قصد تعزيز المكاسب التي حققناها، في ترسيخ مغربية الصحراء، ومواصلة النهضة التنموية، التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية.

وبنفس الروح، يجب العمل على أن تشمل ثمار التقدم والتنمية، كل المواطنين في جميع الجهات، من الريف إلى الصحراء، ومن الشرق إلى المحيط، مرورا بمناطق الجبال والسهول والواحات.

ونغتنم هذه الذكرى المجيدة، لاستحضار قسمها الخالد، وفاء لروح مبدعها، والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، وأرواح كل شهداء الوطن الأبرار.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”

تحليل الخطاب الملكي السامي ( المصطفى شقرون )

الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء يتميز بتركيز عميق على القضايا الوطنية والتأكيد على ثوابت السيادة الترابية المغربية. يعكس هذا الخطاب روحًا من الثقة والاستمرارية في الدفاع عن وحدة التراب المغربي وتعزيز التنمية المستدامة في الأقاليم الجنوبية للمغرب. و هذا تحليلًا لبعض الجوانب الرئيسية للخطاب:

1. التشبث بالمقدسات والوحدة الترابية:

أكد الملك في بداية خطابه على قوة الترابط بين الصحراء المغربية والوطن الأم، من خلال استذكار المسيرة الخضراء التي وحدت المغاربة لتحقيق هذا الهدف التاريخي. أشار إلى الروابط التاريخية من خلال نظام البيعة بين سكان الصحراء وملوك المغرب، مما يعزز الجانب الشرعي للقضية.

2. التنمية والاستقرار في الصحراء:

أوضح الخطاب التطور الذي عرفته المناطق الصحراوية على مستوى البنية التحتية والاستقرار الاجتماعي. يشير هذا إلى أن المغرب يتبنى سياسة تنموية متقدمة تُرسخ الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لسكان هذه المناطق، وتساهم في دمجها داخل الاقتصاد الوطني.

3. الاعتراف الدولي ودبلوماسية الحكم الذاتي:

تناول الملك مسألة الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء، بما في ذلك الدعم المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي كحل عملي وواقعي. هذا الاعتراف هو ثمرة جهود دبلوماسية طويلة، حيث يحاول المغرب إبراز واقعية مقترح الحكم الذاتي كبديل عن الحلول غير القابلة للتطبيق، مثل الاستفتاء.

4. التصدي للأطروحات القديمة:

وجه الملك رسالة واضحة لأولئك الذين “يعيشون على أوهام الماضي”، مشيرًا إلى أن الزمن تجاوز بعض الأطروحات غير الواقعية مثل الاستفتاء. كما انتقد الخطاب الأطراف التي تستخدم قضية الصحراء لأغراض سياسية أو لتحقيق أهداف اقتصادية كالوصول إلى المحيط الأطلسي. هذا يُظهر أن المغرب لا يسعى إلى عزل الأطراف الأخرى، بل يدعو إلى حلول تعاونية من خلال الشراكات الإقليمية.

5. الجالية المغربية في الخارج:

أشار الملك إلى أهمية إشراك المغاربة المقيمين بالخارج في تعزيز الوحدة الوطنية وتطوير البلاد. وأعلن عن هيكلة جديدة لتسيير شؤون الجالية، بما في ذلك إنشاء مجلس الجالية المغربية بالخارج و”المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج”، كخطوة لدعم انتمائهم للوطن وتشجيعهم على الاستثمار داخله، بالإضافة إلى تحسين الخدمات الإدارية والثقافية لهم.

6. التنمية الشاملة لجميع الأقاليم المغربية:

دعا الملك إلى تحقيق التنمية الشاملة في جميع المناطق المغربية، من الريف إلى الصحراء، وذلك لضمان توزيع عادل لثمار التنمية، بما يشمل المناطق النائية والجبلية. يعكس هذا التوجه الرؤية الملكية في تحقيق التنمية المتوازنة والشاملة.

7. التذكير بقيم المسيرة الخضراء:

اختتم الملك خطابه باستذكار تضحيات الجيل الذي ساهم في إنجاح المسيرة الخضراء، مشددًا على ضرورة الوفاء لهذه التضحيات من خلال العمل على تعزيز المكتسبات التنموية والسياسية التي تحققت.

خاتمة التحليل:

يعتبر هذا الخطاب الملكي وثيقة سياسية قوية، تعكس تصميم المغرب على المضي قدمًا في تعزيز وحدته الترابية واستكمال مسيرة التنمية في جميع مناطقه. يمثل الخطاب نداءً للمغاربة، سواء المقيمين في الوطن أو في الخارج، للمساهمة في بناء مستقبل مزدهر للمغرب وتحقيق وحدة ترابية لا رجعة فيها، مبنية على الحق الشرعي والارتباط التاريخي.

Advertisement

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

7 نوفمبر 2024 - 14:49

أخلاقيات الحوار الهادئ وأثره في تعزيز التفاهم

7 نوفمبر 2024 - 14:40

الولايات المتحدة.. ترامب يفوز بالانتخابات الرئاسية، إيذانا بعودته إلى البيت الأبيض

7 نوفمبر 2024 - 14:35

انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية

7 نوفمبر 2024 - 14:31

جلالة الملك يقرر إحداث تحول جديد في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج