على صفحتها بالفيسبوك، كتبت الصحفية المحترمة (ر.ح) ما يلي:
” صباح الخير، توكلنا على العزيز الجبار… الحكم العدل”
و لم تقل الصحفية المحترمة ” توكلت”
جاء تعليقي كما يلي و تحت عنوان:
صباح الخير سيدتي ( ر، ح) المحترمة، صباح الورد و الياسمين،
فبعد تقديم واجب الاحترام و التقدير لسيادتكم الموقرة ، و بعد قراءة منشوركم، قررت ان اعرض عليكم ما يلي: تحت عنوان:
التوكل على الله والتوكل على النفس: بين القضاء والقدر وصناعة القدر
المصطفى شقرون ، مدير نشر صحيفة الحكمة بريس
يعتبر التوكل على الله مبدأً إسلاميًا جوهريًا، يرتكز على الثقة المطلقة في الله وقدرته على إدارة شؤون الحياة. في المقابل، يعزز البعض مفهوم التوكل على النفس أو الاعتماد على الذات في صناعة المستقبل. وبين هذين المبدأين تتجلى قضية القضاء والقدر، حيث يتساءل الكثيرون: هل نحن مجرد أدوات تحت سيطرة القدر، أم أن بإمكاننا صناعة مصيرنا وتغيير مجرى الأحداث بأيدينا؟ كيف يمكن أن نوفق بين إيماننا بالقدر ومسؤوليتنا تجاه أفعالنا؟
كيف يمكن للإنسان التوفيق بين التوكل على الله والتوكل على النفس؟ وهل يتعارض الإيمان بالقضاء والقدر مع فكرة صناعة القدر بقرارات الإنسان وأفعاله؟
يعد التوكل على الله من أعظم القيم التي يحرص عليها المؤمنون، فهو يعكس تسليمهم بقدرة الله وتدبيره لأمور الكون. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “ومن يتوكل على الله فهو حسبه” (الطلاق: 3). يُفسر التوكل هنا بأنه ثقة المؤمن بأن الله سيحقق له الخير في الدنيا والآخرة إذا أحسن الاعتماد عليه. لكنه لا يعني التخلي عن العمل أو الجهد، بل يُطلب من المؤمن العمل والاجتهاد مع الثقة في أن النتائج بيد الله.
من جهة أخرى، يظهر مفهوم “التوكل على النفس” أو الاعتماد على الذات كجزء من فلسفات تدعو إلى تحمّل المسؤولية الشخصية وصناعة المستقبل. يعتبر هذا المفهوم جزءًا من الحراك الفكري الإنساني الذي يرى أن الإنسان يجب أن يسعى لتحسين ظروفه من خلال العمل والجهد، وهو ما يُسمى بـ”صناعة القدر”. هذه الفكرة ليست غريبة عن الإسلام، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “اعقلها وتوكل”، مما يدل على أهمية الجمع بين التوكل والعمل.
أما فيما يخص القضاء والقدر، فإنه من المسائل العقائدية المعقدة التي حاولت الأديان والفلسفات المختلفة فهمها. القضاء يشير إلى حكم الله المسبق على الأمور، والقدر هو الطريقة التي تتحقق بها الأمور في الواقع. ورغم أن بعض الأحداث تكون مقدرة لا يمكن تغييرها، فإن الإنسان يمتلك حرية الاختيار في أمور أخرى. هذا التوازن بين القدر والاختيار يظهر في الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي تؤكد على دور الإنسان في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية، بينما يبقى الله هو المدبر الأكبر.
من هنا، لا يمكن اعتبار الإيمان بالقضاء والقدر نقيضًا لفكرة صناعة القدر، بل هما وجهان لعملة واحدة. فبينما نؤمن أن الله كتب مقادير الأشياء، نعلم أيضًا أن الله جعل للإنسان إرادة واختيارًا لتحسين ظروفه والتأثير في حياته.
التوكل على الله لا يعني التواكل والاعتماد على القدر دون السعي والاجتهاد، بل هو مفهوم يعزز العمل مع الإيمان بأن الله هو الذي يدبر الأمر في النهاية. على الإنسان أن يتحمل مسؤوليته في اتخاذ القرارات وفي بذل الجهد، مع الثقة بأن الله يرعى مصالحه ويهديه للخير. يبقى الإيمان بالقضاء والقدر جزءًا من العقيدة، لكنه لا يعفي الإنسان من واجب العمل وصناعة قدره من خلال الخيارات التي يتخذها.
تعليقات
0