المصطفى شقرون
على طول شوارع وأزقة مدينة آسفي، تتجلى مشاهد مألوفة لنساء يبعن الخبز على الأرصفة. زنقة الرباط وشارع إدريس بن ناصر باسفي ، يشهدان يوميًا حركة دؤوبة لبائعات الخبز، اللاتي يقدمن خدمة حيوية للمجتمع بينما يسعين لكسب رزقهن بكرامة. تتعدد الأسباب التي تدفع هؤلاء النساء، سواء المتزوجات أو العازبات، إلى اختيار هذا العمل، وتختلف قصصهن وحكاياتهن، مما يستحق إلقاء نظرة عميقة على حالتهن والأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة.
الظروف الاقتصادية والاجتماعية
تتعدد الأسباب التي تدفع النساء إلى بيع الخبز في الشوارع. من أهم هذه الأسباب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها العديد من الأسر. في مدينة آسفي، كما في باقي المدن المغربية، تواجه العديد من العائلات تحديات اقتصادية تجعل من الضروري أن تساهم المرأة في دخل الأسرة. النساء المتزوجات غالبًا ما يجدن أنفسهن مضطرات لدعم أزواجهن في تحمل الأعباء المالية، خاصة في حالة عدم استقرار دخل الزوج أو فقدانه لعمله.
التعليم والمهارات
قلة فرص التعليم والتدريب المهني تعد أحد العوامل الرئيسية التي تدفع النساء للعمل في مهن غير رسمية مثل بيع الخبز. العديد من النساء، خاصة في المناطق الحضرية الفقيرة، لم تتح لهن الفرصة للحصول على تعليم كافٍ أو اكتساب مهارات تمكنهن من الحصول على وظائف رسمية. نتيجة لذلك، يلجأن إلى الأعمال البسيطة التي لا تتطلب مؤهلات تعليمية عالية، مثل بيع الخبز.
الدعم الاجتماعي والمجتمعي
رغم التحديات، تجد العديد من بائعات الخبز في الشوارع دعمًا مجتمعيًا يشجعهن على الاستمرار. تعتبر هذه المهنة بالنسبة للبعض فرصة للاندماج الاجتماعي والتواصل مع المجتمع المحلي. بائعات الخبز غالبًا ما يصبحن جزءًا من نسيج الحي الذي يعملن فيه، ويطورن علاقات مع الزبائن، مما يمنحهن شعورًا بالانتماء والأمان.
قصص شخصية
تتنوع قصص بائعات الخبز، وتعكس كل واحدة منهن رحلة فريدة من التحدي والصمود. على زنقة الرباط، باسفي، يمكن أن تجد عائشة، امرأة متزوجة وأم لأربعة أطفال، تعمل منذ الفجر حتى غروب الشمس لتوفير لقمة عيش كريمة لعائلتها. عائشة تجد في بيع الخبز فرصة لدعم زوجها الذي يعمل كعامل يومي ولا يضمن دخلًا ثابتًا. في المقابل، فاطمة، شابة عازبة في شارع إدريس بن ناصر، امام اثار سينما اطلس باسفي، تبيع الخبز لتحقيق استقلاليتها المالية وتأمل في جمع ما يكفي من المال لبدء مشروعها الخاص.
الأثر النفسي والاجتماعي
رغم الصعوبات، تشكل هذه المهنة فرصة للنساء للتعبير عن استقلاليتهن وللعب دور فعال في المجتمع. إلا أنهن يواجهن أيضًا تحديات نفسية واجتماعية، مثل النظرة الدونية التي قد يتعرضن لها من بعض فئات المجتمع، بالإضافة إلى التحديات الأمنية التي ترافق العمل في الشوارع.
بيع الخبز في شوارع آسفي ليس مجرد مهنة بسيطة، بل هو انعكاس لتحديات اقتصادية واجتماعية تواجهها العديد من النساء في المجتمع. بائعات الخبز، سواء المتزوجات أو العازبات، يقدمن نموذجًا للصمود والعطاء، ويستحقن كل التقدير والدعم. لفهم واقعهن وأسباب اختياراتهن، علينا النظر بعمق إلى الظروف المحيطة بهن والعمل على تحسينها، مما يعزز من فرصهن في الحصول على حياة كريمة ومستقبل أفضل.
تعليقات
0